Overblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
19 août 2011 5 19 /08 /août /2011 04:18

 Misere-sexuelle

يعتبر المجتمع المغربي مجتمعا انتقاليا بامتياز، على المستوى الديموغرافي(انخفاض نسبة الخصوبة)، و السياسي (إصلاحات سياسية)، و الاقتصادي (الانفتاح على الأسواق العالمية) ، و الثقافي (تحولات عميقة على مستوى البنية الفكرية).  فالانتقال كان دائما مما هو تقليدي إلى ما هو حداثي. و لكن ، إلى جانب كل هذه الإنتقالات هناك انتقال لا نعيره أهمية كبيرة ، أو بالأحرى نتحاشى الخوض فيه نظرا لحساسيته و خصوصيات المجتمع المغربي : إنه الانتقال الجنسي.  

يلاحظ مجموعة من المهتمين بالشأن الجنسي بالمغرب، كالدكتور "عبد الصمد الديالمي"، أن المغرب يعرف انفجارا جنسيا يمكن أن نستشفه من خلال مجموعة المظاهر المجتعية: كتضخم العمل الجنسي بشقيه الذكوري و الأنثوي، ظهور علاقات جنسية خارج مؤسسات الزواج بين الشباب إما باسم الحب أو الوعد بالزواج أو باسم الرغبة أو   المتعة أو إثبات الذات. هذا الانفجار الجنسي، يعبر عن انتقال جنسي بمعنى أننا في مرحلة إنتقالية من نظام جنسي تقليدي كان يحاول أن يجعل من الواقع الجنسي مرآ ة للتعاليم الإسلامية إلى نظام جنسي حداثي له مرجعية أوسع من المرجعية الإسلامية و هي مرجعية حقوق الإنسان.

 تساهم في هذا الإنتقال مجموعة من العوامل أهمها انتشار و تمدد فترة التعليم، و بالتالي تأخر سن الزواج ما يجعل من مسألة الإمساك الجنسي مسألة صعبة ، إذا لم نقل مستحيلة. دخول المرأة سوق الشغل و استقلالها الاقتصادي، حيث تحررت من قيود الأسرة و مراقبتها. مساهمة الفضائيات و الانترنيت في تأجيج الرغبة الجنسية. اكتشاف حقوق الإنسان الجنسية و قيمة الإشباع الجنسي على المستوى النفسي و الاجتماعي. كل هذا أدى إلى الإقبال على الجنس بنهم و شره.

و كما يقول "إيميل دوركايم" في كتابه "الإنتحار" "كل المراحل الانتقالية تتسم بالأنوميا" أي اللامعيارية لان المجتمع يفقد كل قيمه و معاييره و يبدأ في البحث عن أخرى. فالمجتمع المغربي يعرف  مجموعة من المظاهر الجنسية المشوهة و التي تعبر عن سمات الإنتقال الجنسي: كالشعور بالإثم في كثير من حالات الجنس  غير الشرعي حيث غالبا ما تبكي الفتاة بعد أول علاقة جنسية لها خارج مؤسسة الزواج و تحس بإثم شديد و هذا ما يؤزم الشاب و يشعره بالإثم  باعتباره "قائد العملية الجنسية" ،  عدم اعتراف القانون بكل    السلوكات الجنسية الغير زوجية و تحريمها و تجريمها و بالتالي تغييب التربية الجنسية ، و هذا ما يدفع الشباب لسرقة لحظات جنسية بشكل سري، و في سرقة الجنس مجموعة من المخاطر الصحية (كالأمراض المتنقلة جنسيا و السيدا)

و الإجتماعية (كالحمل غيرالمرغوب فيه).هناك ايضا، انتشار الممارسات الجنسية السطحية. زد على ذلك إشكالية وفرة الجنس و شح الأمكنة( حيث يعاني الشباب من شح الأمكنة التي بإمكانهم ممارسة الجنس فيها، و هذا ما يدفعهم لممارسة الجنس في أمكنة غير مريحة بين أشجار الغابات أو وراء صخور البحر...) و هناك من يتحدث عن وفرة الأمكنة و شح الجنس ما قد يشكل أزمة نفسية لمجموعة من الشباب.

إن الشباب المغربي يعيش أزمة جنسية بمعنى الكلمة يحاول حلها بكل ما أتيح من   خدع اجتماعية: كالعلاقات الجنسية المحبوكة بالحب و وعود الزواج ،أو  ابتكار مجموعة من الوضعيات الجنسية التي تحول دون فض بكارة الشابة كالممارسات السطحية أو من الدبر، و هناك من يستعين بالعادة الجنسية (بالنسبة للجنسين) رغم أن هذا الحل تكون له مجموعة من التداعيات السلبية على المستوى النفسي (الإحساس بالذنب)، و كذا على مستوى الميكانيزم الجنسي، حيث لا تكون الغاية من العملية الاستمتاع بل القذف، و هذا ما يتمخض عنه مشكل القذف  السريع بالنسبة للرجال أو الرعشة القصوى السريعة بالنسبة للنساء. هناك أيضا من يختار العاملات الجنسيات كحل للأزمة ، حيث تكون أول تجارب الشباب الجنسية معهن، إلا أن المسألة تتم في اضطراب شديد نظرا لغياب تفاعل الطرف الآخر و الخوف...  كما أن مقاربة الشاب تكون كمية القذف و ليس منهجية الاستمتاع و الإمتاع و هذا ما يرسخه عنده عادة جنسية سيئة.

هذا الانفجار الجنسي لا يجب مقاربته أخلاقيا، أي النظر له كزيغ عن الطريق الصحيح أو انحراف أخلاقي، لأنه انتقال طبيعي من جنسانية قائمة على أساس مرجعية دينية إسلامية إلى جنساية كونية قائمة على حقوق الإنسان. كما أن المجتمع الإسلامي، ككل المجتمعات الإنسانية، لم يعرف في يوم من الأيام غيابا للعلاقات الجنسية التي نصفها بالإنحرافية أو عودة للجاهلية : كعلاقة رجل و امرأة خارج مؤسسة الزواج أو علاقة جنسية بين رجل و رجل أو بين امرأة و امرأة أو بين الإنسان و الحيوان. لم يكن هناك في تاريخ الإنسانية مجتمع نقي جنسيا و للتأكد بالنسبة للمجتمعات الإسلامية يمكن العودة لكتب الباه.

للمجتمع المغربي مجموعة من القوانين الدينية و المدنية الخاصة بالجنس المعروفة لدى الجميع، لكنها تخرق يوميا كما أن القمع و المنع لا يزيد سوى من تأججها . فالوسيلة إذن هي التربية الجنسية القائمة على مرجعية حقوق الإنسان، لأن المنع و الكبت و القمع يدفع الكثير من الشباب لسرقة الجنس و في سرقة الجنس كما قلنا مخاطر صحية و اجتماعية.

التربية الجنسية حاضرة و بقوة داخل العائلات المغربية و لكن لا تحقق أهدافها حسب تعبير "نعمان كسوس". فغالبية العائلات المغربية يلقنون تربية جنسية سلبية مؤطرة بحائين: حشومة/حرام.

بالنسبة للفتيات التربية الجنسية تعبر عن نفسها من خلال الممنوعات لا تفعل هذا لا تظهر لا تنصت لجسدك أخفيه حفاظا على عذريتك.كما أن على الفتاة كبث كل مشاعرها و رغباتها و ليس لها الحق في التعبير عنها. و إن فعلت فستنعت بالمنحرفة و اللاطبيعية.

 من خلال هذه التربية الجنسية الملقنة أولا من الطرف الأم ثم ثانيا من طرف المحيط، تستدمج الطفلة منذ نعومة أظافرها فكرة : أن جسدها مصدر للمتاعب و المشاكل و بإمكانها أن تكون أيضا مصدر عار للأسرة. هذه التربية الجنسية تصمها إلى درجة أنها غير قادرة على تحمل مسؤوليات جسدها لوحدها كما تحول هذه التربية دون تألقها النفسي و الاجتماعي  خلال مرحلة البلوغ. كما تعيش الفتاة أزمة نفسية و اجتماعية خلال مرحلة المراهقة حيث تصبح  مهووسة بفكرة أنها أصبحت موضوعا جنسيا بامتياز ، أي أنها أضحت جسدا قادرا على الولادة  . أصبحت تحمل شرف الأسرة.

في المدرسة ،بالنسبة للفتيات المحظوظات، فعلوم الأرض و الحياة لا تبتدئ إلا في السنة الثانية  إعدادي أي بعد مرحلة البلوغ. في هذه الدروس يكون هناك فقط حديث عن مراحل النمو و التغيرات الفيزيولوجية التي يعرفها الجسد خلال مرحلة البلوغ. لكن هذا يبقى نظري و مسيج بالحشمة. و هذا ما يجعل التلاميذ يحضرون حصصا من الخيال العلمي.

أما بالنسبة للفتيان فالأمر أكثر مأساوية على حد تعبير "نعمان كسوس" حيث ليست هناك محظورات (باستثناء بعد المحظورات التي تلقن بطريقة غير مباشرة كعدم المس بالأخوات و بنات العم). خطاب الأم  و الأب يبقى تماما غائبا و يوجه الفتيان بطريقة غير مباشرة نحو جنسانية مفرطة.

رغم كون الفتاة تعيش مأساة في مرحلة البلوغ فهي تستفيد من مساعدة محيطها النسائي. فالنساء يتحدثن فيما بينهن عن حياتهن و تجاربهن الجنسية. و إذا كانت الفتاة لا تتلقى شروحات مباشرة فإنها تستطيع التقاطها من محيطها النسائي. أما الفتى فيكون أمام صمت كبير في ما يخص التطورات التي يعرفها جسده ، فغالبا ما تكون الأم غير قادرة على تقديم شروحات كافية، كما أن هناك حواجز تعيق الحوار بالنسبة للأب.إن الفتى يمر بأزمة حادة يميزها القلق و العزلة من دون أن يستطيع أحدهم الجواب عن أسئلته الكثيرة. و بهذا يصبح خطاب الشارع مصدر معرفته الأول و الوحيد. إلا أن الٌأقران من الذكور لا يتكلمون بصدق عن تجاربهم الجنسية. و ذلك لكونهم ضحايا أسطورة الفحولة و أمام ما يسمعه المراهق من بطولات جنسية كاذبة و خيالية يشعر بالفشل و الخيبة و يعيش أيضا فشلا مرتبطا بمكانيزماته الجنسية. و أول تجارب الفتى الجنسية تكون مع عاملة جنسية التي تساعده على اكتشاف هذا العالم الغامض و غالبا ما تكون هذه التجربة الأولى مميزة بقذف سريع لأن الفتىيكون خائفا و غير مستعد  و لا يعيش التجربة بحثا عن الجودة بل عن الكم. فهو لا يبحث في علاقته على الإستمتاع و إشباع رغبة شريكه بل عن التفوق.

إلى حد اليوم تغيب خطة واضحة و صريحة لإدماج التربية الجنسية بمعناها الحقيقي (كتقنيات و أعضاء و إنجاب و وقاية و قيم مدنية و أخلاقية) داخل منظومتنا التربوية. كما تغيب خطة سياسية تدافع عن ضرورة إدماج التربية الجنسية في المجتمع المغربي حتى لدى الجمعيات و الأحزاب التي تدعي التقدمية و تعتبر حقوق الإنسان مرجعيتها. و يبقى الشباب المغربي يعاني من مشاكل جنسية اجتماعية كالقذف السريع و البرود الجنسي و الحمل غير المرغوب فيه و تداعياته الاجتماعية و الصحية عند محاولة الإجهاض السرية . زد على ذلك العدد المتنامي للمصابين بأداء فقدان المناعة و الأمراض الجنسية أخرى. و بهذا فالانتقال الجنسي بالمغرب طال  و طالت أزمة الشباب الجنسية في غياب تربية جنسية و سياسية جنسية واضحة و فعالة.

Partager cet article
Repost0
19 août 2011 5 19 /08 /août /2011 04:16

Misere-sexuelleيعتبر المجتمع المغربي مجتمعا انتقاليا بامتياز، على المستوى الديموغرافي(انخفاض نسبة الخصوبة)، و السياسي (إصلاحات سياسية)، و الاقتصادي (الانفتاح على الأسواق العالمية) ، و الثقافي (تحولات عميقة على مستوى البنية الفكرية).  فالانتقال كان دائما مما هو تقليدي إلى ما هو حداثي. و لكن ، إلى جانب كل هذه الإنتقالات هناك انتقال لا نعيره أهمية كبيرة ، أو بالأحرى نتحاشى الخوض فيه نظرا لحساسيته و خصوصيات المجتمع المغربي : إنه الانتقال الجنسي.  

يلاحظ مجموعة من المهتمين بالشأن الجنسي بالمغرب، كالدكتور "عبد الصمد الديالمي"، أن المغرب يعرف انفجارا جنسيا يمكن أن نستشفه من خلال مجموعة المظاهر المجتعية: كتضخم العمل الجنسي بشقيه الذكوري و الأنثوي، ظهور علاقات جنسية خارج مؤسسات الزواج بين الشباب إما باسم الحب أو الوعد بالزواج أو باسم الرغبة أو   المتعة أو إثبات الذات. هذا الانفجار الجنسي، يعبر عن انتقال جنسي بمعنى أننا في مرحلة إنتقالية من نظام جنسي تقليدي كان يحاول أن يجعل من الواقع الجنسي مرآ ة للتعاليم الإسلامية إلى نظام جنسي حداثي له مرجعية أوسع من المرجعية الإسلامية و هي مرجعية حقوق الإنسان.

 تساهم في هذا الإنتقال مجموعة من العوامل أهمها انتشار و تمدد فترة التعليم، و بالتالي تأخر سن الزواج ما يجعل من مسألة الإمساك الجنسي مسألة صعبة ، إذا لم نقل مستحيلة. دخول المرأة سوق الشغل و استقلالها الاقتصادي، حيث تحررت من قيود الأسرة و مراقبتها. مساهمة الفضائيات و الانترنيت في تأجيج الرغبة الجنسية. اكتشاف حقوق الإنسان الجنسية و قيمة الإشباع الجنسي على المستوى النفسي و الاجتماعي. كل هذا أدى إلى الإقبال على الجنس بنهم و شره.

و كما يقول "إيميل دوركايم" في كتابه "الإنتحار" "كل المراحل الانتقالية تتسم بالأنوميا" أي اللامعيارية لان المجتمع يفقد كل قيمه و معاييره و يبدأ في البحث عن أخرى. فالمجتمع المغربي يعرف  مجموعة من المظاهر الجنسية المشوهة و التي تعبر عن سمات الإنتقال الجنسي: كالشعور بالإثم في كثير من حالات الجنس  غير الشرعي حيث غالبا ما تبكي الفتاة بعد أول علاقة جنسية لها خارج مؤسسة الزواج و تحس بإثم شديد و هذا ما يؤزم الشاب و يشعره بالإثم  باعتباره "قائد العملية الجنسية" ،  عدم اعتراف القانون بكل    السلوكات الجنسية الغير زوجية و تحريمها و تجريمها و بالتالي تغييب التربية الجنسية ، و هذا ما يدفع الشباب لسرقة لحظات جنسية بشكل سري، و في سرقة الجنس مجموعة من المخاطر الصحية (كالأمراض المتنقلة جنسيا و السيدا)

و الإجتماعية (كالحمل غيرالمرغوب فيه).هناك ايضا، انتشار الممارسات الجنسية السطحية. زد على ذلك إشكالية وفرة الجنس و شح الأمكنة( حيث يعاني الشباب من شح الأمكنة التي بإمكانهم ممارسة الجنس فيها، و هذا ما يدفعهم لممارسة الجنس في أمكنة غير مريحة بين أشجار الغابات أو وراء صخور البحر...) و هناك من يتحدث عن وفرة الأمكنة و شح الجنس ما قد يشكل أزمة نفسية لمجموعة من الشباب.

إن الشباب المغربي يعيش أزمة جنسية بمعنى الكلمة يحاول حلها بكل ما أتيح من   خدع اجتماعية: كالعلاقات الجنسية المحبوكة بالحب و وعود الزواج ،أو  ابتكار مجموعة من الوضعيات الجنسية التي تحول دون فض بكارة الشابة كالممارسات السطحية أو من الدبر، و هناك من يستعين بالعادة الجنسية (بالنسبة للجنسين) رغم أن هذا الحل تكون له مجموعة من التداعيات السلبية على المستوى النفسي (الإحساس بالذنب)، و كذا على مستوى الميكانيزم الجنسي، حيث لا تكون الغاية من العملية الاستمتاع بل القذف، و هذا ما يتمخض عنه مشكل القذف  السريع بالنسبة للرجال أو الرعشة القصوى السريعة بالنسبة للنساء. هناك أيضا من يختار العاملات الجنسيات كحل للأزمة ، حيث تكون أول تجارب الشباب الجنسية معهن، إلا أن المسألة تتم في اضطراب شديد نظرا لغياب تفاعل الطرف الآخر و الخوف...  كما أن مقاربة الشاب تكون كمية القذف و ليس منهجية الاستمتاع و الإمتاع و هذا ما يرسخه عنده عادة جنسية سيئة.

هذا الانفجار الجنسي لا يجب مقاربته أخلاقيا، أي النظر له كزيغ عن الطريق الصحيح أو انحراف أخلاقي، لأنه انتقال طبيعي من جنسانية قائمة على أساس مرجعية دينية إسلامية إلى جنساية كونية قائمة على حقوق الإنسان. كما أن المجتمع الإسلامي، ككل المجتمعات الإنسانية، لم يعرف في يوم من الأيام غيابا للعلاقات الجنسية التي نصفها بالإنحرافية أو عودة للجاهلية : كعلاقة رجل و امرأة خارج مؤسسة الزواج أو علاقة جنسية بين رجل و رجل أو بين امرأة و امرأة أو بين الإنسان و الحيوان. لم يكن هناك في تاريخ الإنسانية مجتمع نقي جنسيا و للتأكد بالنسبة للمجتمعات الإسلامية يمكن العودة لكتب الباه.

للمجتمع المغربي مجموعة من القوانين الدينية و المدنية الخاصة بالجنس المعروفة لدى الجميع، لكنها تخرق يوميا كما أن القمع و المنع لا يزيد سوى من تأججها . فالوسيلة إذن هي التربية الجنسية القائمة على مرجعية حقوق الإنسان، لأن المنع و الكبت و القمع يدفع الكثير من الشباب لسرقة الجنس و في سرقة الجنس كما قلنا مخاطر صحية و اجتماعية.

التربية الجنسية حاضرة و بقوة داخل العائلات المغربية و لكن لا تحقق أهدافها حسب تعبير "نعمان كسوس". فغالبية العائلات المغربية يلقنون تربية جنسية سلبية مؤطرة بحائين: حشومة/حرام.

بالنسبة للفتيات التربية الجنسية تعبر عن نفسها من خلال الممنوعات لا تفعل هذا لا تظهر لا تنصت لجسدك أخفيه حفاظا على عذريتك.كما أن على الفتاة كبث كل مشاعرها و رغباتها و ليس لها الحق في التعبير عنها. و إن فعلت فستنعت بالمنحرفة و اللاطبيعية.

 من خلال هذه التربية الجنسية الملقنة أولا من الطرف الأم ثم ثانيا من طرف المحيط، تستدمج الطفلة منذ نعومة أظافرها فكرة : أن جسدها مصدر للمتاعب و المشاكل و بإمكانها أن تكون أيضا مصدر عار للأسرة. هذه التربية الجنسية تصمها إلى درجة أنها غير قادرة على تحمل مسؤوليات جسدها لوحدها كما تحول هذه التربية دون تألقها النفسي و الاجتماعي  خلال مرحلة البلوغ. كما تعيش الفتاة أزمة نفسية و اجتماعية خلال مرحلة المراهقة حيث تصبح  مهووسة بفكرة أنها أصبحت موضوعا جنسيا بامتياز ، أي أنها أضحت جسدا قادرا على الولادة  . أصبحت تحمل شرف الأسرة.

في المدرسة ،بالنسبة للفتيات المحظوظات، فعلوم الأرض و الحياة لا تبتدئ إلا في السنة الثانية  إعدادي أي بعد مرحلة البلوغ. في هذه الدروس يكون هناك فقط حديث عن مراحل النمو و التغيرات الفيزيولوجية التي يعرفها الجسد خلال مرحلة البلوغ. لكن هذا يبقى نظري و مسيج بالحشمة. و هذا ما يجعل التلاميذ يحضرون حصصا من الخيال العلمي.

أما بالنسبة للفتيان فالأمر أكثر مأساوية على حد تعبير "نعمان كسوس" حيث ليست هناك محظورات (باستثناء بعد المحظورات التي تلقن بطريقة غير مباشرة كعدم المس بالأخوات و بنات العم). خطاب الأم  و الأب يبقى تماما غائبا و يوجه الفتيان بطريقة غير مباشرة نحو جنسانية مفرطة.

رغم كون الفتاة تعيش مأساة في مرحلة البلوغ فهي تستفيد من مساعدة محيطها النسائي. فالنساء يتحدثن فيما بينهن عن حياتهن و تجاربهن الجنسية. و إذا كانت الفتاة لا تتلقى شروحات مباشرة فإنها تستطيع التقاطها من محيطها النسائي. أما الفتى فيكون أمام صمت كبير في ما يخص التطورات التي يعرفها جسده ، فغالبا ما تكون الأم غير قادرة على تقديم شروحات كافية، كما أن هناك حواجز تعيق الحوار بالنسبة للأب.إن الفتى يمر بأزمة حادة يميزها القلق و العزلة من دون أن يستطيع أحدهم الجواب عن أسئلته الكثيرة. و بهذا يصبح خطاب الشارع مصدر معرفته الأول و الوحيد. إلا أن الٌأقران من الذكور لا يتكلمون بصدق عن تجاربهم الجنسية. و ذلك لكونهم ضحايا أسطورة الفحولة و أمام ما يسمعه المراهق من بطولات جنسية كاذبة و خيالية يشعر بالفشل و الخيبة و يعيش أيضا فشلا مرتبطا بمكانيزماته الجنسية. و أول تجارب الفتى الجنسية تكون مع عاملة جنسية التي تساعده على اكتشاف هذا العالم الغامض و غالبا ما تكون هذه التجربة الأولى مميزة بقذف سريع لأن الفتىيكون خائفا و غير مستعد  و لا يعيش التجربة بحثا عن الجودة بل عن الكم. فهو لا يبحث في علاقته على الإستمتاع و إشباع رغبة شريكه بل عن التفوق.

إلى حد اليوم تغيب خطة واضحة و صريحة لإدماج التربية الجنسية بمعناها الحقيقي (كتقنيات و أعضاء و إنجاب و وقاية و قيم مدنية و أخلاقية) داخل منظومتنا التربوية. كما تغيب خطة سياسية تدافع عن ضرورة إدماج التربية الجنسية في المجتمع المغربي حتى لدى الجمعيات و الأحزاب التي تدعي التقدمية و تعتبر حقوق الإنسان مرجعيتها. و يبقى الشباب المغربي يعاني من مشاكل جنسية اجتماعية كالقذف السريع و البرود الجنسي و الحمل غير المرغوب فيه و تداعياته الاجتماعية و الصحية عند محاولة الإجهاض السرية . زد على ذلك العدد المتنامي للمصابين بأداء فقدان المناعة و الأمراض الجنسية أخرى. و بهذا فالانتقال الجنسي بالمغرب طال  و طالت أزمة الشباب الجنسية في غياب تربية جنسية و سياسية جنسية واضحة و فعالة.

Partager cet article
Repost0
19 août 2011 5 19 /08 /août /2011 04:02

Misere-sexuelle.jpgيعتبر المجتمع المغربي مجتمعا انتقاليا بامتياز، على المستوى الديموغرافي(انخفاض نسبة الخصوبة)، و السياسي (إصلاحات سياسية)، و الاقتصادي (الانفتاح على الأسواق العالمية) ، و الثقافي (تحولات عميقة على مستوى البنية الفكرية).  فالانتقال كان دائما مما هو تقليدي إلى ما هو حداثي. و لكن ، إلى جانب كل هذه الإنتقالات هناك انتقال لا نعيره أهمية كبيرة ، أو بالأحرى نتحاشى الخوض فيه نظرا لحساسيته و خصوصيات المجتمع المغربي : إنه الانتقال الجنسي.  

يلاحظ مجموعة من المهتمين بالشأن الجنسي بالمغرب، كالدكتور "عبد الصمد الديالمي"، أن المغرب يعرف انفجارا جنسيا يمكن أن نستشفه من خلال مجموعة المظاهر المجتعية: كتضخم العمل الجنسي بشقيه الذكوري و الأنثوي، ظهور علاقات جنسية خارج مؤسسات الزواج بين الشباب إما باسم الحب أو الوعد بالزواج أو باسم الرغبة أو   المتعة أو إثبات الذات. هذا الانفجار الجنسي، يعبر عن انتقال جنسي بمعنى أننا في مرحلة إنتقالية من نظام جنسي تقليدي كان يحاول أن يجعل من الواقع الجنسي مرآ ة للتعاليم الإسلامية إلى نظام جنسي حداثي له مرجعية أوسع من المرجعية الإسلامية و هي مرجعية حقوق الإنسان.

 تساهم في هذا الإنتقال مجموعة من العوامل أهمها انتشار و تمدد فترة التعليم، و بالتالي تأخر سن الزواج ما يجعل من مسألة الإمساك الجنسي مسألة صعبة ، إذا لم نقل مستحيلة. دخول المرأة سوق الشغل و استقلالها الاقتصادي، حيث تحررت من قيود الأسرة و مراقبتها. مساهمة الفضائيات و الانترنيت في تأجيج الرغبة الجنسية. اكتشاف حقوق الإنسان الجنسية و قيمة الإشباع الجنسي على المستوى النفسي و الاجتماعي. كل هذا أدى إلى الإقبال على الجنس بنهم و شره.

و كما يقول "إيميل دوركايم" في كتابه "الإنتحار" "كل المراحل الانتقالية تتسم بالأنوميا" أي اللامعيارية لان المجتمع يفقد كل قيمه و معاييره و يبدأ في البحث عن أخرى. فالمجتمع المغربي يعرف  مجموعة من المظاهر الجنسية المشوهة و التي تعبر عن سمات الإنتقال الجنسي: كالشعور بالإثم في كثير من حالات الجنس  غير الشرعي حيث غالبا ما تبكي الفتاة بعد أول علاقة جنسية لها خارج مؤسسة الزواج و تحس بإثم شديد و هذا ما يؤزم الشاب و يشعره بالإثم  باعتباره "قائد العملية الجنسية" ،  عدم اعتراف القانون بكل    السلوكات الجنسية الغير زوجية و تحريمها و تجريمها و بالتالي تغييب التربية الجنسية ، و هذا ما يدفع الشباب لسرقة لحظات جنسية بشكل سري، و في سرقة الجنس مجموعة من المخاطر الصحية (كالأمراض المتنقلة جنسيا و السيدا)

و الإجتماعية (كالحمل غيرالمرغوب فيه).هناك ايضا، انتشار الممارسات الجنسية السطحية. زد على ذلك إشكالية وفرة الجنس و شح الأمكنة( حيث يعاني الشباب من شح الأمكنة التي بإمكانهم ممارسة الجنس فيها، و هذا ما يدفعهم لممارسة الجنس في أمكنة غير مريحة بين أشجار الغابات أو وراء صخور البحر...) و هناك من يتحدث عن وفرة الأمكنة و شح الجنس ما قد يشكل أزمة نفسية لمجموعة من الشباب.

إن الشباب المغربي يعيش أزمة جنسية بمعنى الكلمة يحاول حلها بكل ما أتيح من   خدع اجتماعية: كالعلاقات الجنسية المحبوكة بالحب و وعود الزواج ،أو  ابتكار مجموعة من الوضعيات الجنسية التي تحول دون فض بكارة الشابة كالممارسات السطحية أو من الدبر، و هناك من يستعين بالعادة الجنسية (بالنسبة للجنسين) رغم أن هذا الحل تكون له مجموعة من التداعيات السلبية على المستوى النفسي (الإحساس بالذنب)، و كذا على مستوى الميكانيزم الجنسي، حيث لا تكون الغاية من العملية الاستمتاع بل القذف، و هذا ما يتمخض عنه مشكل القذف  السريع بالنسبة للرجال أو الرعشة القصوى السريعة بالنسبة للنساء. هناك أيضا من يختار العاملات الجنسيات كحل للأزمة ، حيث تكون أول تجارب الشباب الجنسية معهن، إلا أن المسألة تتم في اضطراب شديد نظرا لغياب تفاعل الطرف الآخر و الخوف...  كما أن مقاربة الشاب تكون كمية القذف و ليس منهجية الاستمتاع و الإمتاع و هذا ما يرسخه عنده عادة جنسية سيئة.

هذا الانفجار الجنسي لا يجب مقاربته أخلاقيا، أي النظر له كزيغ عن الطريق الصحيح أو انحراف أخلاقي، لأنه انتقال طبيعي من جنسانية قائمة على أساس مرجعية دينية إسلامية إلى جنساية كونية قائمة على حقوق الإنسان. كما أن المجتمع الإسلامي، ككل المجتمعات الإنسانية، لم يعرف في يوم من الأيام غيابا للعلاقات الجنسية التي نصفها بالإنحرافية أو عودة للجاهلية : كعلاقة رجل و امرأة خارج مؤسسة الزواج أو علاقة جنسية بين رجل و رجل أو بين امرأة و امرأة أو بين الإنسان و الحيوان. لم يكن هناك في تاريخ الإنسانية مجتمع نقي جنسيا و للتأكد بالنسبة للمجتمعات الإسلامية يمكن العودة لكتب الباه.

للمجتمع المغربي مجموعة من القوانين الدينية و المدنية الخاصة بالجنس المعروفة لدى الجميع، لكنها تخرق يوميا كما أن القمع و المنع لا يزيد سوى من تأججها . فالوسيلة إذن هي التربية الجنسية القائمة على مرجعية حقوق الإنسان، لأن المنع و الكبت و القمع يدفع الكثير من الشباب لسرقة الجنس و في سرقة الجنس كما قلنا مخاطر صحية و اجتماعية.

التربية الجنسية حاضرة و بقوة داخل العائلات المغربية و لكن لا تحقق أهدافها حسب تعبير "نعمان كسوس". فغالبية العائلات المغربية يلقنون تربية جنسية سلبية مؤطرة بحائين: حشومة/حرام.

بالنسبة للفتيات التربية الجنسية تعبر عن نفسها من خلال الممنوعات لا تفعل هذا لا تظهر لا تنصت لجسدك أخفيه حفاظا على عذريتك.كما أن على الفتاة كبث كل مشاعرها و رغباتها و ليس لها الحق في التعبير عنها. و إن فعلت فستنعت بالمنحرفة و اللاطبيعية.

 من خلال هذه التربية الجنسية الملقنة أولا من الطرف الأم ثم ثانيا من طرف المحيط، تستدمج الطفلة منذ نعومة أظافرها فكرة : أن جسدها مصدر للمتاعب و المشاكل و بإمكانها أن تكون أيضا مصدر عار للأسرة. هذه التربية الجنسية تصمها إلى درجة أنها غير قادرة على تحمل مسؤوليات جسدها لوحدها كما تحول هذه التربية دون تألقها النفسي و الاجتماعي  خلال مرحلة البلوغ. كما تعيش الفتاة أزمة نفسية و اجتماعية خلال مرحلة المراهقة حيث تصبح  مهووسة بفكرة أنها أصبحت موضوعا جنسيا بامتياز ، أي أنها أضحت جسدا قادرا على الولادة  . أصبحت تحمل شرف الأسرة.

في المدرسة ،بالنسبة للفتيات المحظوظات، فعلوم الأرض و الحياة لا تبتدئ إلا في السنة الثانية  إعدادي أي بعد مرحلة البلوغ. في هذه الدروس يكون هناك فقط حديث عن مراحل النمو و التغيرات الفيزيولوجية التي يعرفها الجسد خلال مرحلة البلوغ. لكن هذا يبقى نظري و مسيج بالحشمة. و هذا ما يجعل التلاميذ يحضرون حصصا من الخيال العلمي.

أما بالنسبة للفتيان فالأمر أكثر مأساوية على حد تعبير "نعمان كسوس" حيث ليست هناك محظورات (باستثناء بعد المحظورات التي تلقن بطريقة غير مباشرة كعدم المس بالأخوات و بنات العم). خطاب الأم  و الأب يبقى تماما غائبا و يوجه الفتيان بطريقة غير مباشرة نحو جنسانية مفرطة.

رغم كون الفتاة تعيش مأساة في مرحلة البلوغ فهي تستفيد من مساعدة محيطها النسائي. فالنساء يتحدثن فيما بينهن عن حياتهن و تجاربهن الجنسية. و إذا كانت الفتاة لا تتلقى شروحات مباشرة فإنها تستطيع التقاطها من محيطها النسائي. أما الفتى فيكون أمام صمت كبير في ما يخص التطورات التي يعرفها جسده ، فغالبا ما تكون الأم غير قادرة على تقديم شروحات كافية، كما أن هناك حواجز تعيق الحوار بالنسبة للأب.إن الفتى يمر بأزمة حادة يميزها القلق و العزلة من دون أن يستطيع أحدهم الجواب عن أسئلته الكثيرة. و بهذا يصبح خطاب الشارع مصدر معرفته الأول و الوحيد. إلا أن الٌأقران من الذكور لا يتكلمون بصدق عن تجاربهم الجنسية. و ذلك لكونهم ضحايا أسطورة الفحولة و أمام ما يسمعه المراهق من بطولات جنسية كاذبة و خيالية يشعر بالفشل و الخيبة و يعيش أيضا فشلا مرتبطا بمكانيزماته الجنسية. و أول تجارب الفتى الجنسية تكون مع عاملة جنسية التي تساعده على اكتشاف هذا العالم الغامض و غالبا ما تكون هذه التجربة الأولى مميزة بقذف سريع لأن الفتىيكون خائفا و غير مستعد  و لا يعيش التجربة بحثا عن الجودة بل عن الكم. فهو لا يبحث في علاقته على الإستمتاع و إشباع رغبة شريكه بل عن التفوق.

إلى حد اليوم تغيب خطة واضحة و صريحة لإدماج التربية الجنسية بمعناها الحقيقي (كتقنيات و أعضاء و إنجاب و وقاية و قيم مدنية و أخلاقية) داخل منظومتنا التربوية. كما تغيب خطة سياسية تدافع عن ضرورة إدماج التربية الجنسية في المجتمع المغربي حتى لدى الجمعيات و الأحزاب التي تدعي التقدمية و تعتبر حقوق الإنسان مرجعيتها. و يبقى الشباب المغربي يعاني من مشاكل جنسية اجتماعية كالقذف السريع و البرود الجنسي و الحمل غير المرغوب فيه و تداعياته الاجتماعية و الصحية عند محاولة الإجهاض السرية . زد على ذلك العدد المتنامي للمصابين بأداء فقدان المناعة و الأمراض الجنسية أخرى. و بهذا فالانتقال الجنسي بالمغرب طال  و طالت أزمة الشباب الجنسية في غياب تربية جنسية و سياسية جنسية واضحة و فعالة.

Partager cet article
Repost0
2 août 2011 2 02 /08 /août /2011 23:34

يعرف المجتمع المغربي هذه الأيام الربيعية الفبرايرية و الرمضانية،  دعوات لإفطار علني في  هذا الشهر. و في المقابل ،و بطيعة الحال، هناك ردود أفعال كثيرة على هذه الدعوات ، و موضوعها بطبيعة الحال، التنديد و الشجب. و هناك من ذهب إلى أبعد من ذلك، و وجد فيها فرصة سانحة لمهاجمة حركة عشرين فبراير باعتبار أن شبابها هم  من ينادون لهذا الإفطار العلني.

لكن السؤال الذي يثير انتباهي هنا لماذا يثيرنا الإفطار العلني لرمضان و لا يثيرنا مثلا لعب اليانصيب في شوارع مدننا الكبيرة وبشكل علني؟ لماذا لا تثيرنا الحانات و الأماكن التي تباع فيها المشروبات الكحولية مثلا في الأسواق الكبيرة و بشكل علني؟   لماذا لا تثيرنا الرشوة التي نقدمها يوميا لقضاء حاجاتنا الإدارية ؟ لماذا لا يثيرنا فساد بعض الإدارات العمومية؟ لماذا و لماذا.............؟ أ ليست كل هذه الممارسات بالنسبة للدين الإسلامي مرفوضة و بآيات قرآنية. لماذا ليس هناك رد على برامج "اللوطو" و "الكينو" و "الكوترو" التي تبث على القناة الثانية أو على أمواج "الراديو" و التي تدعو المغاربة بعلانية و يوميا و بوسائل أكثر علانية من العلانية (التلفزة و الإذاعة) بلعب "اليانصيب"(القمار بشكل أكثر صراحة)؟ لماذا لا تثير استياء الكثير من المغاربة  و يردون عليها و يشجبونها، كما يثيرهم إفطار رمضان بشكل علني أو بدونه؟ "اليانصيب" له مقاهيه الخاصة و نمر بها يوميا ملقاة في الشارع أو تباع عند بائع السجائر بالتقسيط بشكل علني؟   الخروقات اليومية للإسلام كثيرة  و علنية لكنها لا تثيرنا أو أننا لسبب من الأسباب لا نريد إثارتها.

نعم، هناك خرق يومي للدين في مجتمعنا لكننا لا نحرك ساكنين سوى أمام دعوة لإفطار علني. ما السر في ذلك؟

هل الصيام بالنسبة للمغاربة هو أول أركان الإسلام الخمسة. فأن تقول لأحدهم أن لا أصلي هو شيء عاد بالنسبة للكثيرين، أما أن تقول له أنا لا أصوم فهذا سيثير اندهاشه و غضبه و سيكفرك و لن يتسامح معك كما تسامح معك في عدم الصلاة(عماد الدين ثان أركان الإسلام). و هذا ما يفهمه المغاربة جيدا و لا يريدون الاعتراف به(النفاق الاجتماعي). الصيام بالنسبة لهم هو عماد الدين و ليس الصلاة. فالصلاة في المجتمع المغربي شرط من شروط الصيام و ليس العكس. لا نصوم لأننا نصلي بل نصلي لأننا سنصوم . و هذا ما يفسر اكتظاظ المساجد في شهر رمضان و فراغها في الأيام الأخرى أو بالأحرى الأخيرة.

صراحة قضيت اليوم كله و أنا أفكر في تفسير علمي و منطقي لذلك لكنني لم أتوصل لشيء يذكر.  هل السر كامن في موسمية رمضان التي تقيه شر الروتين؟ أم هو كائن في تكسيره لروتينية حياتنا اليومية في كل جوانبها الاجتماعية ( وقت أكثر للقاء الأصدقاء و اجتماع مع العائلة حول طاولة واحدة)؟ هل هو تحسن البرامج التلفزية؟ أو هو كامن في تحسن النظام الغذائي؟  أم لأنه يعني الترفيه و المرح و الرياضة و دوريات كرة القدم...؟ أم فرصة للإقلاع عن التدخين؟ أم أن هذا كله يتضافر ليجعل من الصيام طقس  عظيما لا بد منه، طوطيما محميا بملذات اجتماعية كثيرة من الصعب و من غير المسموح  التنازل عنهاimages32.jpg؟

Partager cet article
Repost0
2 août 2011 2 02 /08 /août /2011 23:34

 

 

يعرف المجتمع المغربي هذه الأيام الربيعية الفبرايرية و الرمضانية،  دعوات لإفطار علني في  هذا الشهر. و في المقابل ،و بطيعة الحال، هناك ردود أفعال كثيرة على هذه الدعوات ، و موضوعها بطبيعة الحال، التنديد و الشجب. و هناك من ذهب إلى أبعد من ذلك، و وجد فيها فرصة سانحة لمهاجمة حركة عشرين فبراير باعتبار أن شبابها هم  من ينادون لهذا الإفطار العلني.

لكن السؤال الذي يثير انتباهي هنا لماذا يثيرنا الإفطار العلني لرمضان و لا يثيرنا مثلا لعب اليانصيب في شوارع مدننا الكبيرة وبشكل علني؟ لماذا لا تثيرنا الحانات و الأماكن التي تباع فيها المشروبات الكحولية مثلا في الأسواق الكبيرة و بشكل علني؟   لماذا لا تثيرنا الرشوة التي نقدمها يوميا لقضاء حاجاتنا الإدارية بشكل طوعي و علني ؟ لماذا لا يثيرنا فساد بعض الإدارات العمومية؟ لماذا و لماذا.............؟ أ ليس كل هذه الممارسات بالنسبة للدين الإسلامي مرفوضة و بآيات قرآنية. لماذا ليس هناك رد على برامج "اللوطو" و "الكينو" و "الكوترو" في القناة الثانية أو على أمواج "الراديو" و التي تدعو المغاربة بعلانية و يوميا و بوسائل أكثر علانية من العلانية (التلفزة و الإذاعة) بلعب "اليانصيب"(القمار بشكل أكثر صراحة)؟ لماذا لا تثير استياء الكثير من المغاربة  و يردون عليها و يشجبونها، كما يثيرهم إفطار رمضان بشكل علني أو بدونه؟ "اليانصيب" له مقاهيه الخاصة و نمر بها يوميا أوراقه ملقاة في الشارع أو تباع عند بائع السجائر بالتقسيط علانية؟   الخروقات اليومية للإسلام كثيرة لكنها لا تثيرنا أو أننا لسبب من الأسباب لا نريد إثارتها.

نعم، هناك خرق يومي للدين في مجتمعنا لكننا لا نحرك ساكنين سوى أمام دعوة لإفطار علني. ما السر في ذلك؟

هل الصيام بالنسبة للمغاربة هو أول أركان الإسلام الخمسة. فأن تقول لأحدهم أنا لا أصلي هو شيء عاد بالنسبة للكثيرين، أما أن تقول له أنا لا أصوم فهذا سيثير اندهاشه و غضبه و سيكفرك و لن يتسامح معك كما تسامح معك في عدم الصلاة(عماد الدين ثان أركان الإسلام). و هذا ما يفهمه المغاربة جيدا و لا يريدون الاعتراف به(النفاق الاجتماعي). الصيام بالنسبة لهم هو عماد الدين و ليس الصلاة. فالصلاة في المجتمع المغربي شرط من شروط الصيام و ليس العكس. لا نصوم لأننا نصلي بل نصلي لأننا سنصوم . و هذا ما يفسر اكتظاظ المساجد في شهر رمضان و فراغها في الأيام الأخرى أو بالأحرى الأخيرة.

صراحة قضيت اليوم كله و أنا أفكر في تفسير علمي و منطقي لذلك لكنني لم أتوصل لشيء يذكر.  هل السر كامن في موسمية رمضان التي تقيه شر الروتين؟ أم هو كائن في تكسيره لروتينية حياتنا اليومية في كل جوانبها الاجتماعية ( وقت أكثر للقاء الأصدقاء و اجتماع مع العائلة حول طاولة واحدة)؟ هل هو تحسن البرامج التلفزية؟ أو هو كامن في تحسن النظام الغذائي؟  أم لأنه يعني الترفيه و المرح و الرياضة و دوريات كرة القدم...؟ أم فرصة للإقلاع عن التدخين؟ أم أن هذا كله يتضافر ليجعل من الصيام طقس  عظيما لا بد منه، طوطيما محميا بطابوهات كثيرة من الصعب و من غير المسموح  خرقها؟

Partager cet article
Repost0
31 juillet 2011 7 31 /07 /juillet /2011 21:14

images11.jpg

 

ينتابك شعور بالغضب الشديد، تراودك أفكار جنونية كال انفجار أو حرق الجسد، لتعبر عن سخطك و غضبك الشديد  حيال ما يقع في سوريا. ما استيقظنا عليه اليوم من خلال الفضائيات العربية من صور لدبابات و مدرعات و جيش و قتلى و مصابين و دم ، استيقظ عليه شعب سوريا ليس مثلنا كمشاهدين ، بل كضحايا يعيشون الحدث في الواقع.

حماة المناضلة ، سفكت دماؤها عشية أول أيام رمضان هي و أخواتها المناضلات من المدن السورية الأخرى كالبوكمال و دير الزور... مدن طوقت بثلاثية الرعب و سفك الدماء: جيش و أمن و شبيحة، قتلوا و اعتقلوا و عذبوا و ما خفي أعظم عن كاميرات الهواتف المحمولة ، التي تنوب عن العدسات الأجنبية ،التي تم طردها خارج سوريا خدمة لروايات التلفزيون السوري الخيالية. أ هذا هو مصير مواطنين سوريين عرب مسلمين مسيحيين كرد رفعوها سلمية و بمطالب شرعية كرامة و حرية. 

في يوم واحد سيحصد نظام السفاح الديكتاتور المسمى  "بشار الأسد" 145 قتيلا برصاص قواته، منهم 113 في حماة و من بين ضحايا اليوم الأسود طفلة صغيرة ألا تستحق منا هذه الطفلة المسكينة البريئة ما فعلناه لنصرة أطفال فلسطين ما الفرق بينها و بين" الدرة". لقد أعلنها بشار حربا وحشية همجية على شعبه بمدافع رشاشة وقاذفات صواريخ... كان من المفترض أن توجه صوب الجولان لكنه نظام يستصغر شعبه. نعم لقد قالت جمعة سوريا الأخيرة و  استشرفتها "صمتكم يقتلنا" و ها هو صمت المجتمع العربي يفي بعهده و وعيده  و يقتلهم بسكونه.

أين هي الأنظمة العربية التي كانت تجيش الملايين من رعاياها لنصرة القضايا العربية كالقضية الفلسطينية أو العراقية...أ تخاف من تأييد الشعب السوري المضطهد لأنها ترى فيه صورة شعوبها؟ أ ترى في ذلك تأييدا لمضطهديها و تحفيزا و تشجيعا لهم للمطالبة بالحرية و الكرامة؟ أين هي الجامعة العريبة التي بسكوتها تبرهن لنا أنها لا تمثل الشعوب العربية بل هي تمثل حكومات تشارك بصمتها في قتل و تعذيب و تهجير و اعتقال الشعب السوري؟ أين هي السعودية، أين هو خادم الحرمين الشريفين؟ أين حكامنا العرب؟ أين هو الإسلام و الوحدة العربية؟ من الأقرب لسوريا من الأجدر بمساندة شعبها و التنديد بما يقع من تقتيل و تعذيب ،ا لحكومات العربية أم الحكومات الأجنبية كإيطاليا و فرنسا و بريطانيا و أمريكا.... التي نددت اليوم بشدة و وعدت بزيادة الضغط على النظام الديكتاتوري؟

 أين هي الفزاعة الإسرائيلية؟ كذبوا علينا، قالوا لنا  من يقتل الشعب العربي هم الإسرائيلون، لا ثم لا، هم من كانوا يقتلوننا    ، بالتجويع و الاستصغار و الترويع و التخويف و الإهانة و التعذيب........ ولازالوا. رغم ما يمكن أن نقوله عن إسرائيل كمحتل و..و..و... فلا يمكن أن نقارنها بنظام سوري ليبي يمني مصري تونسي قتل و لا زال يقتل شعبه بالرشاشات و الطائرات و الإهانة و الذل و الفساد.....

لم تعرف إسرائيل في تاريخها حكم رئيس لمدة 40 أو 30 سنة، لأن اسرائيل بكل بساطة دولة ديموقراطية تستمد شرعيتها من الشعب من انتخابات ديموقراطية. قل ما شئت عنها ثم قارنها بالحكومات العربية فسوف تصل لا محال إلى مسلمة:  إسرائيل دولة ديمقراطية، تمتع شعبها بالحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية و تحاسب حكامها و مسؤوليها . جنودها يدافعون عن الشعب و لا يقتلونه من أجل سواد عيون الحاكم و حاشيته، الجندي الإسرائيلي يضحي من أجل الشعب لأن هذه هي مهته.

ما رأيناه اليوم في سوريا من قتل وتعذيب يدفعنا  للقول عاشت الحكومات التي لا تقتل شعوبها ،عاشت الحكومات الديموقراطية، عاشت إسرائيل .

Partager cet article
Repost0
31 juillet 2011 7 31 /07 /juillet /2011 21:12

ينتابك شعور بالغضب الشديد، تراودك أفكار جنونية كالانفجار أو حرق الجسد، لتعبر عن سخطك و غضبك الشديد، حيال ما يقع في سوريا. ما استيقظنا عليه اليوم من خلال الفضائيات العربية من صور لدبابات و مدرعات و جيش و قتلى و مصابين و دم ، استيقظ عليه شعب سوريا ليس مثلنا كمشاهدين بل كضحايا يعيشون الحدث في الواقع.

حماة المناضلة ، سفكت دماؤها عشية أول أيام رمضان هي و أخواتها المناضلات من المدن السورية الأخرى كالبوكمال و دير الزور... مدن طوقت بثلاثية الرعب و سفك الدماء: جيش و أمن و شبيحة، قتلوا و اعتقلوا و عذبوا و ما خفي عن كاميرات الهواتف المحمولة أعظم. أ هذا هو مصير مواطنين سوريين عرب مسلمين مسيحيين كرد رفعوها سلمية و بمطالب شرعية كرامة و حرية.

في يوم واحد سيحصد نظام السفاح الديكتاتور المسمى ببشار الأسد 145 قتيلا برصاص قواته منهم 113 في حماة و من بين ضحايا اليوم الأسود طفلة صغيرة. لقد أعلنها بشار حربا وحشية همجية على شعبه بمدافع رشاشة وقاذفات صواريخ... كان من المفترض أن توجه صوب الجولان لكنه نظام يستصغر شعبه. نعم لقد قالت جمعة سوريا و "استشرفتها صمتكم يقتلنا" و ها هو صمت المجتمع العربي يفي بعهده و يقتلهم بسكونه.

أين هي الأنظمة العربية التي كانت تجيش الملايين من رعاياها لنصرة القضايا العربية كالقضية الفلسطينية أو العراقية...أ تخاف من تأييد الشعب السوري المضطهد لأنها ترى فيه صورة شعوبها؟أ ترى في ذلك تأييدا لمضطهديها و تحفيزا و تشجيعا لهم للمطالبة بالحرية و الكرامة؟ أين هي الجامعة العريبة التي بسكوتها تبرهن لنا أنها لا تمثل الشعوب العربية بل هي تمثل حكومات تشارك بصمتها في قتل و تعذيب و تهجير و اعتقال الشعب السوري؟ أين هي السعودية أين هو خادم الحرمين الشريفين؟ أين حكامنا العرب؟ أين هو الإسلام و الوحدة العربية؟ من الأقرب لسوريا من الأجدر بمساندة شعبها و التنديد بما يقع من تقتيل و تعذيب الحكومات العربية أم الحكومات الأجنبية كإيطاليا و فرنسا و بريطانيا و أمريكا.... التي نددت اليوم بشدة و وعدت بزيادة الضغط على النظام الديكتاتوري؟

 أين هي الفزاعة الإسرائيلية؟ كذبوا علينا، قالوا لنا  من يقتل الشعب العربي هم الإسرائيلون، لا ثم لا، هم من كانوا يقتلوننا بالتجويع و الاستصغار و الترويع و التخويف و الإهانة و التعذيب........ ولازالوا. رغم ما يمكن أن نقوله عن إسرائيل كمحتل و..و..و... فلا يمكن أن نقارنها بنظام سوري ليبي يمني مصري تونسي قتل و لا زال يقتل شعبه بالرشاشات و الطائرات و.....

لم تعرف إسرائيل في تاريخها حكم رئيس لمدة 40 أو 30 سنة، لأن اسرائيل بكل بساطة دولة ديموقراطية تستمد شرعيتها من الشعب من انتخابات ديموقراطية. قل ما شئت عنها ثم قارنها بالحكومات العربية فسوف تصل لا محال إلى مسلمة:  إسرائيل دولة ديمقراطية، تمتع شعبها بالحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية و تحاسب حكامها و مسؤوليها . جنودها يدافعون عن الشعب و لا يقتلونه من اجل سواد عيون الحاكم و حاشيته، الجندي الإسرائيلي يضحي من اجل الشعب لأن هذه هي مهته.

ما رأيناه اليوم في سوريا من قتل وتعذيب يدفعنا  للقول عاشت الحكومات التي لا تقتل شعوبها ،عاشت الحكومات الديموقراطية، عاشت إسرائيل .

Partager cet article
Repost0
23 juillet 2011 6 23 /07 /juillet /2011 23:48

    Ferry_Luc.jpeg

يعتبر التنويريون الفرنسيون الجدد          محاولة لتجاوز فلاسفة الستينات، أي الفلاسفة الذين ارتبطت فلسفتهم الشكية (philosophie de soupçon  ) بأحداث 68 التي عرفتها فرنسا في القرن الماضي. لقد حملت فلسفة 68 في فرنسا على عاتقها مهمة الشك في كل أبعاده الفلسفية المتعددة، فهناك من كان ماركسيا و هناك من كان فوريديا و هناك من كان نتشويا. لقد أطرت الأجواء السياسية آنذاك الفكر الفلسفي في فرنسا و حددت له موضوعه في الشك و النقد الراديكاليين للإيديولوجيات و العقلانية ( (le rationalisme و النزعة الإنسية ) l’humanisme).[1]

مثلت الفلسفة الشكية الفرنسية ضربة قوية لفكر الأنوار و جعلت منه إيديولوجية أو بالأحرى إيديولوجية مشرعنة لسلطة قمعية و قاهرة بكل أشكال العنف الرمزي و الجسدي. لم تكن الأنوار بالنسبة لفلاسفة الشك الفرنسيين  (نيوماركسيين و نيونتشاويين و نيوفرويديين) سوى قناع مزركش بأفكار الأنوار و الحداثة و العقلانية.

من خلال ما سبق، سيحاول فلاسفة جيل 98 أو ما ننعتهم اليوم بالتنويريين الفرنسيين الجدد أمثال:

 Finkielkraut, André Compte-Sponville , Pascal Bruckner ; Marcel Gauchet,Luc Ferry    تجاوز هذا النوع من التفكيك و النقد الراديكاليين التي كانت الأجواء السياسية و خاصة منها اليسارية واليسارية الراديكالية تغذيهما[2].     نقذ وجب   تجاوزه   لأن الشروط السياسية و الاجتماعية التي أنتجته أصبحت في خبر كان. محاولة التنويريين الجدد في التجاوز ستكون من خلال نسج إرادة فكرية و فلسفية موحدة تمتح من أسس و مبادئ عصر الأنوار. إنها بتلخيص شديد و مركز إحياء لمناظرات فكرية منفتحة على الفضاء العمومي و قائمة على الأدلة و الحجج العقلانية، كما أنها أيضا فلسفة تنويرية جمهورية أي موجهة للعموم بلغة واضحة و بسيطة بعيدة عن التعقيد و التجريد المفرط. سيعمل التنويريون الفرنسيون الجدد على فك العزلة عن الفلسفة من خلال نقلها من مرتبة فلسفة نخبوية كما كانت عليه في الستينات[3] مع فلاسفة الشك و النقد الراديكاليين أمثال الماركسيين الجدد و الفرويديين الجدد و النتشويين الجدد و كذا الهيديغريين الجدد، إلى مرتبة أخرى جديدة مرتبة فلسفة سهلة و مبسطة لغير المحترفين  و المتخصصين.  

من خلال ما سبق، يمكننا القول أن مشروع فلاسفة التسعينات و على رأسهم "لوك فيري"[4]، قائم بالأساس على محاولة فك العزلة عن الفلسفة (Désenclaver la philosophie)[5] و دمقرطة الثقافة الفلسفية  و الجعل منها فعلا تنويريا يمس الجمهور العام الغير   متخصص في الفلسفة ، من خلال فتح مناظرات فلسفية داخل الفضاء العمومي (مقاهي فلسفية، برامج تلفزية و إذاعية و كذا إلكترونية.....إلخ    

خلاصة القول، إن المشروع التنويري الفرنسي قائم   بالأساس : من جهة ، على  ربط الفلسفة بالتنوير كما كان الحال عليه في ألمانيا مع الفلاسفة الألمان و خاصة كانط و لم يكن عليه في فرنسا مع الفلاسفة الفرنسيين. [6]

أما من جهة ثانية، فمشروع التنويريين الفرنسيين الجدد قائم على ضرورة تبسيط الفلسفة و تسهيل الولوج لها من خلال: أولا، لغة بسيطة و واضحة من السهل فهمها من طرف الجمهور الغير متخصص. ثم ثانيا، البحث عن   قنوات و وسائل إعلامية لنشر الفكر الفلسفي ذو الطابع التنويري و تقريبه من الجمهور العام. و فيما يلي سنحاول التركيز على هذا الجانب من المشروع الفرنسي التنويري الجديد الهادف إلى دمقرطة الفكر الفلسفي و نزع طابعه النخبوي و فتحه على الفضاء العمومي. و سنعتمد في ذلك على مؤلف "لوك فيري"  Apprendre à vivre " .

إن دمقرطة الفكر الفلسفي و نزع طابعه النخبوي و فتحه على الفضاء العمومي يستدعي بالضرورة إعادة تجديد سؤال ما هي الفلسفة. تجديد هذا السؤال لا يروم إلى إضافة أجوبة أخرى إلى أجوبة كثيرة و لا حصر لها، بل يهدف بالأساس إلى تجاوز الكثير من هذه الأجوبة الصعبة و المعقدة إذ لم نقل المنفرة من الفلسفة. إذن فتسهيل الولوج للفلسفة من طرف الجمهور الواسع الغير متخصص كهدف من بين أهم أهداف التنويريين الفرنسيين الجدد، يستدعي و بالضرورة تقديم أجوبة مبسطة و سهلة الفهم لسؤال ما هي الفلسفة.

و على هذا الأساس كان سؤال "ما هي الفلسفة؟"  عنوان أول فصل من فصول مؤلف "لوك فيري" المعنون ب” Apprendre à vivre”[7] و الذي بإمكاننا اعتباره محاولة ناجحة لتحبيب الفلسفة و تبسيطها لغير المتخصصين و كذا الجيل الناشئ. لقد حقق هذا المؤلف مبيعات كبيرة لأنه قدم الفلسفة في حلة جديدة كمذهب للخلاص و كتصوف لائكي "Spiritualité Laïque"   و ليس فقط كمجرد تفكير نقذي و مجموعة من المفاهيم المجردة. لقد كان هذا المؤلف موجها للجميع و في متناول الجميع، نظرا لبساطة لغته كما أن الطريقة التي اعتمدها "لوك فيري" في سرد تاريخ الفلسفة كانت متسلسلة، حيث كان هناك خيط ناظم يربط بين كل اللحظات التاريخية الفلسفية الكبرى مع استحضار أمثلة لتبسيط الفهم.

   التعليم الحالي للفلسفة:

يرى "لوك فيري" أن التعليم الحالي للفلسفة في فرنسا قائم بالأساس على تدريس مجموعة من المفاهيم الفلسفية الكبرى كالحرية و العدل و الجمال و العلم و النظرية و الحق...إلخ ، و عند امتحان البكالوريا يطلب من التلاميذ تحرير نص "فلسفي" موضوعه إحدى هذه المفاهيم الكبرى. كما يطلب عند التحرير اعتماد روح نقدية و حجاجية. إن هذا النشاط بالنسبة ل "لوك فيري" ضروري من أجل تكوين مواطن المستقبل و لكنه لا علاقة له بالفلسفة و التفكير الفلسفي الأصيل[8].

إن إعمال العقل و التسلح بالروح النقدية و الأدلة و الحجج نشاط ضروري و لا أحد يمكنه التشكيك في ذلك، إلا أنها ليست بالنشاطات الخاصة بالفلسفة أو مميزة لها عن باقي العلوم،بل إنها نشاطات عقلية حاضرة في باقي العلوم و المجالات الفكرية و السياسية و الإعلامية و الأكثر من ذلك فحتى العامي قادر على الانتقاد و إعمال العقل و التحاجج. كما أنه لا يمكننا الجزم بأن الفيلسوف يفوق هؤلاء الناس فيما يخص النقد و إعمال العقل و التحاجج.

إن الإشكال بالنسبة ل "لوك فيري"، حاصل على مستوى جهل مجموعة من أساتذة الفلسفة الفرنسيين و غير الفرنسيين، أن البرامج التعليمية-الفلسفية الفرنسية، ليست في الأصل سوى إرث مسيحي. إنها نتيجة تاريخية لتفوق الدين المسيحي على الفلسفة اليونانية[9]. فإطلالة متأنية على تاريخ الفكر الفلسفي ستؤكد لنا هذه الفكرة. ففي ربيع الفلسفة اليونانية أي في القرن الرابع قبل الميلاد كانت هناك مجموعة من المدارس اليونانية، كالمدارس الرواقية، التي كانت غايتها من خلال تعليم الفلسفة سعادة الناس و كان شعارها آنذاك "التعلم من أجل عيش أفضل"، و ليس التعلم من أجل تحرير نص فلسفي. لكن الفكر  المسيحي إبان نهاية الإمبراطورية الرومانية سيتفوق على الفلسفة اليونانية، هذه الأخيرة ستجد نفسها محرومة من الخوض في مجموعة من المواضيع الإنسانية المصيرية كالسعادة و الموت و الخلاص التي أضحت تحتكرها فكريا السلطة العلمية-الدينية. و بهذا ستصبح الفلسفة نشاطا سكولائيا ، علم مدرسي هدفه الوحيد تحليل و مقاربة مجموعة من المفاهيم الفلسفية. و في سنة 1800 عندما أضحت الأفكار اللبرالية تفرض نفسها على الساحة الفكرية و السياسية (مع ارهاسات الثورة الفرنسية و بروز طبقة الفلاسفة) سيتم إضافة القليل من التحليل النقدي على تحليل المفاهيم الفلسفية و ذلك من أجل تمكين المواطن الفرنسي من النقد و المقارنة و التحليل و الحجاج عند ممارسة الفعل السياسي. و بهذا يمكننا القول أن البرنامج التعليمي-الفلسفي-الفرنسي كاثوليكي-ليبرالي أي أنه تحليل سكولائي للمفاهيم مع قليل من التحليل النقدي[10].

على أساس ما سبق يقترح "لوك فيري"  تدريس الفلسفة بطريقة منهجية و ذكية و منطقية بعيد كل البعد عن التحرير و سرد النظريات و تحليل المفاهيم الفلسفية و النقد الضعيف  كغايات فلسفية قصوى خاصة بالنسبة لتلاميذ المستوى الثانوي. إن تحبيب و تبسيط الفلسفة لهؤلاء التلاميذ و غيرهم من الجمهور الغير متخصص يستدعي و بالضرورة بالنسبة ل "لوك فيري" تدريس الفلسفة من خلال تاريخ النظرات، وليس النظريات، الفلسفية الكبرى للعالم بقطائعه و توتراته. هذه الطريقة الممنهجة ستعطيهم نظرة حقيقية عن الفلسفة و ستجعل منها  نشاطا فكريا ممتعا .[11]

خلاصة القول إن الفلسفة كتنوير فكري و أخلاقي و جمالي ليست فقط انغماسا في تحليل المفاهيم الفلسفية الكبرى و المجردة.بل هي أيضا "نشاطات حكمة" غايتها سعادة الإنسان.

بعد هذا التمهيد المهم الذي سيساعدنا لا محال في فهم المشروع "الفيري" المتركز حول إعادة تجديد جواب ما هي الفلسفة. يمكننا طرح السؤال التالي: ما هو التحديد الجديد و الفريد الذي يقترحه علينا "لوك فيري" في مولفه Apprendre à vivre   " ؟  

تجديد سؤال ما هي الفلسفة.

إن سؤال ما هي الفلسفة، هو من الأسئلة المحيرة و الصعب الجواب عنها بسهولة. فمعظم الفلاسفة اليوم يحاولون تحيين أجوبة هذا السؤال و قد جعلوا منه موضوعا للنقاش و البحث. إلا أنهم حسب تعبير "لوك فيري" لم ينجحوا في الوصول إلى تحديد مفاهيمي موحد و متفق عليه.[12]  كما يرى "لوك فيري" أن مجموعة من التحديدات  المفاهيمية للفلسفة لم ترق إلى ما هو فلسفي-محض و أصيل. و يمكننا مع لوك فيري إجمال هذه التحديدات في اعتبار الفلسفة : كتكوين الروح نقدية ميزتها الإستقلالية  و كمنهج صارم في التفكير   و كفن للتفكير  المتجذر في الدهشة و التساؤل. كما سبق و أشرنا، فالتفكير النقدي  حاضر في مجموعة من الميادين العلمية كالسياسة و الرياضيات و البيولوجيا... أي أنه حاضر في مجالات و ميادين لافلسفية. و بهذا يرى "لوك فيري" أنه من بين المغالطات التي يتخبط فيها اليوم الفكر الفلسفي هو تلخيص مفهوم الفلسفة في مجرد تفكير نقدي-حجاجي[13].

لذا ، يجب اليوم ، حسب "لوك فيري"، توجيه  جواب ما هي الفلسفة،  نحو ما يميزها عن باقي العلوم الأخرى، أي كعلم أضحى يهتم بالمواضع المصيرية للإنسان ، خاصة بعد استقلاله عن باقي العلوم. و لعل الموضوع المصيري الذي يؤرق إنسان القرن الواحد و العشرين،  و خاصة في المجتمعات اللائكية التي فقد فيها الدين قيمته كموضوع إيمان و أمال، هو الموت.

إن الكائن الإنساني و بخلاف باقي "الكائنات الخارقة" هو كائن فان سيموت في يوم من الأيام وبخلاف الحيوانات هو يعي هذا المصير. و كما يقول الفلاسفة هو كائن منته محدود في الزمان و المكان. كما أنه و بخلاف الحيوانات و النباتات هو الكائن الوحيد الذي يعي بمحدوديته الزمكانية. إنه يعلم أنه سيموت  و أن الأفراد الذين يحبهم سيفقدهم في يوم من الأيام إما بموتهم أو بموته. إن الإنسان غير قادر على تجاهل هاته الحقيقة كما أنه غير قادر على تجاهل هذه المسألة المحيرة و المؤرقة. و بالطبع و من أجل تجاوز هذا  الشعور المؤرق سيتجه الإنسان نحو مجموعة من الديانات التي تعده بالخلاص  و تعده بطرق مختلفة بالحياة الأزلية و لقاء ما أحببناه (أشياء) و من أحببناهم (أقرباء) في عالم ما بعد الموت.

إن الخلاص المسيحي (و كذلك الإسلامي و اليهودي) خلاص يتأتى من خلال الحب و الإيمان. لكن الفوز بالحياة الأزلية  الأخروية يضحي هنا ، من خلال الحب و الإيمان، مشقة و معاناة(الصلاة، الصيام ،قهر الجماعة...) و قتل للتفكير العقلي ( امن و لا تسأل).

من هنا ، و مما سبق، و مما سبق فقط ، يمكننا أن نفهم التحديد الذي سيقترحه علينا "لوك فيري" للفلسفة. أولا كتحديد مبسط و سهل و ثانيا كمتعة فكرية و كالتزام أخلاقي و كوسيلة ،تنويرية، من أجل العيش الأفضل و الأمثل من أجل حياة حرة سعيدة. إن الفلسفة أضحت مع "لوك فيري" خلاصا ذاتيا يتغلب فيه الإنسان على فكرة الموت بسلاح الحكمة و العقل المستنير.

الأبعاد الثلاث   للفلسفة

إن الفلسفة La philosophie  على المستوى اللفظي تعني حب ((philo الحكمة (sophia) . و من هنا يمكننا القول أن الحكمة تقتضي: أولا، إعمال العقل و التفكير المنطقي المستقل (البعد النظري). كما أنها تقتضي من جهة ثانية، وازعا أخلاقيا قائما بالأساس على الواجب و الالتزام و احترام الأخر (البعد الأخلاقي) و من جهة أخيرة فهي تقتضي ،بالطبع بعد تحقيق البعد النظري و الأخلاقي  فنحن أمام سيرورة مترابطة أجواؤها أشد ترابط ، العيش بحكمة أي أنها دعوة للاستمتاع  بالحياة كلحظة جميلة آنية لحظة غير مبالية بما كان (قهر الماضي) و بما سيكون (قهر المستقبل) . مما سبق يمكننا أن نستنتج كون الفلسفة حكمة فكرية و أخلاقية و جمالية. إنها متعة و خلاص ذاتي.

أما الآن و بعد هذا التحديد الأول، سننتقل للتحديد الثاني الساعي بالأساس تفصيل الأول و تبسيطه من خلال الأمثلة المبسطة. 

إن مهمة الفلسفة الأولى أي البعد النظري تهدف إلى تكوين فكرة عن الملعب الذي نلعب فيه

  (Notre terrain de jeu)   و جمع الحد الأدنى من المعارف حول العالم الذي نعيش فيه كيف هو من حيث الشكل و التكوين؟ هل جميل أم قبيح؟هل هو غامض أو قابل للفهم؟ هل هو متناغم أم فوضوي؟ أهو نافع أم غير نافع؟ و على هذا الأساس فمن الضروري على الفلسفة االإنفتاح على العلوم الطبيعية التي تكشف لنا بنية الكون كالفيزياء ، الرياضيات، البيولوجيا...إلخ و كذلك العلوم التاريخية التي تنيرنا حول تاريخ العالم و الإنسان كما أن البحث عن المعرفة يقتضي بالأساس البحث عن المناهج الوضعية التي بإمكانها أن تحقق هذه المعارف، مثلا كيف بإمكاننا أن نعرف الأسباب الكامنة من وراء هذه الظاهرة؟ و ما هي حدود معرفتنا خاصة عندما يتعلق الأمر بالنومين ( الله،الروح....)[14].

و بهذا فسؤالي طبيعة الكون و واقع الإنسان و وسائل معرفتهما  ،  يمثلان أساس البعد النظري في الفلسفة.

إلى جانب الملعب الذي نلعب فيه أي بالإضافة للمعارف التي يمكننا تكوينها عن هذا العالم و تاريخه، يجب علينا الاهتمام أيضا بسكان هذا العالم أي مع من سنلعب. إننا لا نعيش فقط مع الآخرين بل إننا في حاجة ماسة لهم، بدءا بآبائنا الذين يلدوننا و يرعوننا. فكيف بإمكاننا أن نعيش مع الغير؟ و ما هي قوانين اللعب التي يجب نهجها؟  كيف بإمكاننا أن نسلك بطرق نافعة، كريمة، باختصار شديد،  كيف بإمكاننا أن التصرف بشكل سديد في علاقاتنا مع الآخرين؟  إنه سؤال خاص بالبعد اللانظري في الفلسفة أي البعد العملي المتعلق بالمجال الأخلاقي[15].

و لكن لماذا بدل كل هاته المجهودات لفهم العالم و تاريخه؟ و لماذا بدل الجهد من أجل العيش في تناغم مع الآخرين؟ ما هي الغاية من كل هذه المجهودات؟  كل هذه الأسئلة تحيلنا على البعد الثالث في الفلسفة، أي المسألة المتعلقة بالخلاص أي بالحكمة[16]. فإذا كانت الفلسفة حبا ((philo للحكمة  ((Sophia فعليها أن تفسح ما أمكن الطريق للحكمة لتعبر عن نفسها. فأن تكون حكيما لا يعني أن تكون محبا أو باحثا عن    ذلك، بل يعني ذلك أن تعيش بحكمة و  بسعادة و حرية. و بهذا سيكون الإنسان قد قضى على فكرة الفناء التي تؤرقه.[17]

 

كان هذا التحديد الذي أبدعه "لوك فيري"   و يبقى السؤال المطروح هنا: إلى أي حد بإمكاننا كأساتذة فلسفة  استثماره في الدرس الفلسفي  و خاصة الافتتاحي منه؟   

 

 



[1] Sébastien Charles ; Luc ferry ou le pari de la liberté, Horizons philosophiques, vol. 9, n° 1, 1998,p 113

[2] Idem p112.

[3] Idem p 117.

[4]

"لوك فيري من مواليد 1951 فيلسوف ووزير سابق للتربية الوطنية في حكومة جون رفران مابين 2002و2004 ، له العديد من المؤلفات منها "la philosophie politique الذي ألفه بالتعاون مع Alain Renaut (في ثلاث مجلدات )و l’homme –dieu ou le sens de la vie (صدرت ترجمته من طرف محمد هشام عن أفريقيا الشرق تحت عنوان :الإنسان المؤله أو معنى الحياة )، إضافة إلى كتاب :philosophier à dix –huit ans (ترجمت مقتطفات منه ضمن العددين 14و 16- من مجلة مدارات فلسفية )     . و الفلسفة ،بالنسبة للوك فيري، تبقى في وجه من وجوهها مذهبا للخلاص ،مما يجعلها منافسة للديانات الكبرى ،وهي لا تكتسب معناها و لا تزداد امتلاء ماهويا إلا بقدر ما تبتعد عن الإله وتصير فلسفة ملحدة .   إن الخاصية الأبرز التي تميزكتابات "لوك فيري" هي وضوح كتاباته و نزعته البيداغوجية التي مكنته من تقريب الفلسفة لمدارك الأغلبية"[4].

 

[5] Idem p 117

[6]   يرى "لوك فيري" أن التنوير لم يأخذ شكلا فلسفيا سوى مع الفلاسفة الألمان. رغم أننا اعتدنا على اعتبار أن "فولتير" و "مونتسكيو" و "ديدرو" "فلاسفة"[6]. إلا أنهم ليسوا بالمعنى نفسه عندما نتحدث عن الفلاسفة الألمان و خاصة كانط و الفلاسفة القريبون من فلسفته. إن التنوير الألماني اتجه نحو الفلسفة بتوجيه من الموروث الفكري اللوثري ،نسبة ل "لمارتن لوثر"، و "إصلاحه البروتيستانتي". إن هذا الإصلاح الديني هو الحلقة المفقودة ((le maillon manquant[6] في الفكر الفرنسي على حد تعبير "لوك فيري".     إن ما ميز "اللحظة اللوثيرية" هو الجعل من فكرة الحرية فكرة مركزية و ذلك من داخل الحقل الديني االسكولائي. و بهذا فقد كان الفكر اللوثيري ثورة فكرية على الهيمنة الدينية الكنائسية و كذلك  طريقا معبدة للثورة ضد هذه الهمينة الخانقة لفكرة الحرية من طرف فاعلين ثقافيين من خارج الحقل الديني. و بهذا قد و ضع "مارتن لوثر" أسيسة ((socle "مشروع علمنة الدين المسيحي" "la sécularisation de la religion chrétienne ". هذا المشروع نجده حاضرا في المشروع "الكانطي" أولا، من خلال مؤلفه "الدين في حدود مجرد العقل". ثم المشروع "الهيجلي" من خلال مؤلفه "فنمونولوجيا الروح". إن الفلسفة الفرنسية كانت موجهة أكثر نحو ما هو اجتماعي  و سياسي و أخلاقي. لقد كانت فلسفة مجتمعية تعبر عن نفسها بلغة أدبية أكثر منها فلسفية-ميتافيزقية. و ذلك عكس الفلسفة الألمانية التي كانت موجهة أكثر نحو ما هو ميتافيزيقي. فحتى النزعة التفكيكية التي عرفتها فرنسا في الستينات كفعل تنويري، إن صح القول، حدت حدو الفلسفة الألمانية(ماركس،فرويد،نيتشه،هيدغر) و لم تحدوا حدوا الفلاسفة الفرنسيين. إن جوهر اختلاف فلسفة التنوير الألمانية عن الفلسفة  الفرنسية: يكمن في محاولة الأولى(الألمانية)، علمنة ما هو ديني (نظرا لحضور الموروث "اللوثري")  و وضعه   باحترام  في مكانه المناسب (أي نقله من المجال العمومي-السياسي إلى المجال الخاص-الروحي) كفكرة إنسانية. بينما حاولت الثانية التشكيك في الدين و القضاء عليه باعتباره تفكيرا ضبابيا. خلاصة القول، إن التنوير كفعل فلسفي من الصعب تحقيقه من خلال رفض ما هو ديني بل من خلال علمنته.

[7] Ferry Apprendre à vivre,édition plon,2006.

[8] Ferry Apprendre à vivre,édition plon,2006.p 318.

[9] Idem p 320.

[10]  Idem p 320.

[11] Idem 320.

[12] Idem p 13.

[13] Idem p 14.

[14] Idem  p 27.

[15] Idem p 28.

[16] Idem p 29.

[17] Idem p 29.

Partager cet article
Repost0
20 juillet 2011 3 20 /07 /juillet /2011 19:54

حقق الربيع العربي، الذي اجتاحت نسماته المنعشة عددا كبيرا من الدول العربية ، مجموعة من المطالب  الجماهيرية المشروعة كالحق في الحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية  و الحياة الكريمة... لقد نضجت بعض ثمار الربيع العربي و قطفها الشعب التونسي، الذي غرس أولى شجاراتها، عند هروب "زين الهاربين بن علي"، ثم بعده الشعب المصري الذي قطفها بتنحي "حسني مبارك". و لا زالت دماء الشهداء و نضالاتهم تسقي مجموعة من الأشجار الثورية العربية . أشجار تسقيها دماء و أصوات وأٌقلام و تضحيات في كل من ليبيا واليمن و سوريا و الأردن و البحرين و المغرب...

لقد حققت الثورات العربية مجموعة من المكاسب على نطاق واسع ، شمل ما هو سياسي بتنحي ديكتاتوريين من الطراز الحقير (لكي لا نقول  ما لا يستحقونه(الرفيع))،  و اقتصادية حيث هرعت مجموعة من الدول العربية إلى زيادة أجور الموظفين خوفا من سخط الطبقة الوسطى و العاملة و هذا ما شهدناه في كل من السعودية و المغرب... و أهم ما حقق هذا الحراك الاجتماعي ، بالنسبة لنا، هو المكسب السيكولوجي الذي يمكننا تلخيصه في تكسير حاجز الخوف المرضي  الذي كان يعشش في المواطن العربي، الذي لم يكن قادرا على أن يقول "لا" للاستبداد و لا يستطيع أن يحرك صامتا أمام مشاهد القهر السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي الذي كان شرارة أشعلت جسد "البوعزيزي" الذي نقل شعلة جسده إلى الجسد العربي الذي ثارا و نثر نارا على الحكم الشمولي و الاستبدادي.

لقد تعلم المواطن العربي من الدرس التونسي  أن بإمكانه أن  يقول "لا" ، و أعاد للشعوب العربية ثقتها بنفسها و في قدرتها على التغيير أن الشعب إذا أراد الحياة فلابد للقدر ان يستجيب و لا بد للقيد أن ينكسر. فلأول مرة سيفهم التونسي نشيده الوطني الذي لم يكن يفهمه مع حكم "بن علي" و"طرابلسي". كما تعلم من "الفايسبوك" كيف ينظم الناس و يعبئهم لقول كلمة "لا" و تعلمنا من   الثورة المصرية أن نبقى منتبهين و يقظين و حازمين من مراوغات السياسيين و بلطجتهم و أفول النظام من أجل تحقيق كل أهداف الثورة.  و من سلمية الثورة اليمنية، تعلمنا كيف نقول  "لا" سلمية بالرغم من بطش الحاكم و وحشيته. و تعلمنا من الدرس الليبي أن دم الشهداء لا يجب أن يذهب هباء و لو كلفنا ذلك أرواحنا، ننتصر أو نستشهد هكذا قالها المختار لأحفاده و هم لا زالوا أوفياء لها و له.   و ها هو الدرس سوري يعلمنا أن الاستبداد لا زال حاضرا بدباباته و بلطجيته و أن الشعب بوحدته و صموده قادر على إسقاط ملك الحيوانات( الأسد) فالموت أفضل من المذلة.

هذه هي الدروس التي تعلمناها و لا زلنا نتعلمها من الثورات العربية التي تعلم  منها الاستبداد و الأنظمة الشمولية أيضا. فقد تعلموا من الثورة التونسية محاولات ،يائسة،   الالتفاف على مكاسب الثورة و العمل على إسقاطها، و تعلموا من الثورة المصرية فن البلطجة، و من الثورة اليمنية تلاعب صالح و فزاعة القاعدة و التطرف الإسلامي ، و من الثورة الليبية وحشية كتائب القدافي و مرتزقته ، و من الثورة السورية إشاعات الطائفية و الحوار و المسلحين...

كل هذه دروس قدمها الربيع العربي للجلاد و الضحية على حد سواء، لكن ما يجب أن يترسخ في أذهاننا هو ذلك الدرس الأسمى،المتمركز حول الشعب، و الذي يقول أن الشعب أبقى من حكامه و أن الشعب إذا رفع شعار إسقاط النظام فسوف يسقطه لا محال(تونس)، و أن الشعب قادر على قهر النظام و بلطجيته و فلوله  و محاكمتهم(مصر)، و أن الشعب إذا قال ارحل للديكتاتور فسوف يرحل (اليمن) ، و أنه كلما زاد القمع و الشهداء زاد سقف  مطالب الشعب من الحرية إلى إسقاط النظام، فالموت صار أفضل من المذلة (سوريا)، فالاستشهاد أو النتصار (لبيا).

فليعش الشعب(المغرب).

Partager cet article
Repost0
28 mai 2011 6 28 /05 /mai /2011 13:51

في ليلة الأمس أيقظني رنين هاتفي، فبدأت أتلمس  ما بجانبي بحثا عنه في عتمة الليل دليلي صوته

و ضوؤه. على أذني اليسرى و ضعته و دار بيني و بين المهاتف حديث ذو شجون.

أنا: ألو (متثائبة).

هو: ألو، مساء الخير (بلكنة عجمية).

أنا: عفوا، من معي.

هو: أنا الفيلسوف الألماني "كانط".

أنا: "كانط"؟؟؟ (قلت في مخيلتي التعبة: أ كذبة أبريل هذه وصلت متأخرة؟) هذا ليس وقت مزاح.

من يقول أنه "كانط": أنا لا أمزح معك أنا أقول الصدق، و الواجب الأخلاقي يحتم علي ذلك.

أنا: و ما عساك تريدني أيها "الكانط" الليلي في ساعة متأخرة كهاته؟

"كانط"الليلي: لقد سمعت عن حركة 20  فبراير وعلمت ما حدث ذلك الأحد.

أنا: لعبة قديمة قدم وفاة "كانط". ستقول لي إنك قد بعث و عدت من الماضي إلى الحاضرأ ليس كذلك؟

"كانط": لا يا صديقي أنتم من تعيشون في الماضي، أنتم من عليهم أن يبعثوا إلى القرن الثامن عشر . فانتم لا زلتم تتخبطون في القرن الخامس عشر. و ما تعيشونه اليوم من حراك و عراك فكري و سياسي و اجتماعي، عشناه نحن في أواخر القرن الخامس عشر.

أنا: ( في مخيلتي، نعم صدقت هذه تحسب لك) و ما الذي أثارك في ذلك الأحد، أ هو عنفه؟

"كانط": لا لم يثرني عنفه بل أثارني قصوركم ، قصور شعبكم المسئول عن قصوره و ما مورس،

و ما يمارس، عليه من عنف.

أنا: و ماذا تعني بالقصور؟

"كانط": إن القصور هو ما يعيق حركة الشعب نحو التنوير و الحرية و الكرامة.

أنا: وما التنوير و علاقته بالحرية و الكرامة؟

"كانط": حسنا، سأشرح لك كل هذا و رجاء لا تقاطعني بأسئلتك و أرجوك أن تعمم ما سأقوله.

أنا: بالتأكيد سأفعل أعدك بذلك.

"كانط": التنوير هو خروج الشعب من القصور، أو لنقل الضعف الفكري، الذي هو مسئول عنه. فهذا القصور هو بمثابة عجز الشعب عن استعمال عقله دون وصاية غيره. فالمواطن هو من يتحمل مسئولية هذا العجز و هذا لا يعود إلى تأخر عقلي و لكن إلى قصور في اتخاذ القرار و إلى افتقاد الشجاعة في استعمال هذا العقل من دون الحاجة للغير.  إن الكسل و الجبن سببان في بقاء عدد كبير من الشعوب بمحض إرادتهم و طوال حياتهم رهيني قصورهم، بعد أن حررتهم الطبيعة منذ أمد من ضغط النفوذ الخارجي. هذه الحال تسهل على البعض تنصيب أنفسهم على هذه الشعوب ، التي تعيش طفولة أزلية. نعم، من أجل لكي تصبح راشدا يجب أن تتعب و تضحي و تشقى و تستشهد، كما أن حياة الرشد صعبة أيضا: فهي تقتضي تحمل واجبات و مسئوليات و مقاومة و دفاعا عن ما تم كسبه و انتزاعه من حقوق. نعم ،  الطفولة مريحة. فهناك من ينوب عنك فكريا، هناك مرشد ينوب عنك في قراراتك و مصيرك. لكن ستعيش بلا حرية بلا كرامة. "لا تفكر ، نفذ"، "لا تفكر اعمل و اصمت"، "لا تفكر بل آمن"، "لا تفكر بل أطع". هذه الأصوات هي ماضيك و ماضي أسلافك و حاضرك و مستقبلك و مستقبل خلفك، لا حرية و لا كرامة.

أنا: و ما الحل؟

"كانط":  تحقيق الحرية و الكرامة هو السبيل الوحيد للخروج من هذا القصور. إنكم تعيشون لا محال عصرا يسير نحو التنوير لكن بخطى حلزونية مترددة، يلزمكم القليل من الوقت و الكثير من التضحية لكي تصبحوا قادرين على إعمال عقولكم في الأمور المتعلقة بشؤونكم السياسية و الاجتماعية بثقة

و صواب ومن دون وصاية أحد.

إننا نعيش لحظة تاريخية، إن هذا العصر هو عصر الربيع العربي عصر 19 ديسمبر في تونس، و25 يناير في مصر، 17 فبراير في ليبيا... عصر  حركة 20 فبراير بالمغرب، فسيروا بخطوة واحدة نحو الأمام، نحو الحرية و الديمقراطية و الكرامة و العدالة الاجتماعية. لتجرأ على النقد و الاحتجاج السلمي و إعمال العقل من دون وصاية، ذلك هو شعاري، شعارنا ،شعارك ،شعار حركة 20 فبراير، شعار الشعب المغربي.

 

kant-portrait.jpg

Partager cet article
Repost0